"الأونروا" ومسيرة الـ 66 عاماً في حلقة نقاش نظمتها حماس في صيدا
بعد مرور 66 عاماً على إنشاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، شهد تاريخ الوكالة العديد من التراجعات والتقليصات في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين في محاولة لتصفية قضية اللاجئين، وكانت أول حلقات تلك التقليصات بعد اتفاق أوسلو عام 1993.
لكنّ واقع الوكالة هذا العام شهد منحىٍ آخر من التقليصات طالت الكثير من الخدمات الصحية والإغاثية والتعليمية بحجة عجز الميزانية. وبناءً على هذا الواقع الذي فرضته الأونروا على اللاجئين، نظّم مكتب شؤون اللاجئين في حركة حماس حلقة نقاش بعنوان "تقليصات الأونروا وتأثيراتها على واقع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان"، اليوم الخميس في مدينة صيدا، بهدف تفادي ما قد تحدثه من سلبيات على مستقبل اللاجئين القريب والبعيد.
وبحضور العديد من الشخصيات السياسية والحقوقية والمؤسسات الفلسطينية، أكّد مسؤول المكتب السياسي لحركة حماس علي بركة خلال جلسة النقاش على أنّ قضية اللاجئين الفلسطينيين هي قضية سياسية بامتياز، تتحمل مسؤولياتها بريطانيا والولايات المتحدة التي أكملت دعمها للاحتلال حتى يومنا هذا. مشيراً إلى أنّ المشكلة الحقيقية ليست مع الأونروا أو مع الدول المضيفة للاجئين، وإنما مع العدو الصهيوني.
ودعا بركة إلى وضع برنامج للضغط على الوكالة، وحث الدول العربية لدفع حصتها في دعم الأونروا، مطالباً منظمة التحرير الفلسطينية أن تفعّل دورها في موضوع اللاجئين، والدولة اللبنانية بتقديم الخدمات الاجتماعية والإنسانية لهم.
من جهته أشار أمين سر حركة فتح في لبنان فتحي أبو العردات إلى أنّ القضايا المطلبية المحقة يتفق عليها جميع الفلسطينيين، خاصةً فيما يتعلّق بسياسة الأونروا معبراً أنّنا "نعيش دائماً تحت سيف الخوف على أطفالنا وأهلنا". واعتبر أنّ العجز الذي تراكم من عام لعام على الوكالة يؤجِّل المشكلة ولا يحلّها.
وفي أيامٍ مضت، كان جميع اللاجئين يستفيدون من خدمات الأونروا، لكن بعد اتفاق أوسلو تراجعت هذه الخدمات وأولها الإغاثية التي انخفضت إلى ما نسبته 12% حسبما أشار رئيس العلاقات العامة والإعلام في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) محمد الشولي. ولم يقتصر هذا الانخفاض على الخدمات الإغاثية وإنما أيضاً على التعليم والصحة.
وبالنسبة للخدمات الصحية فإنه لا ينبغي أن يدفع اللاجئ أيّ كلفة من العلاج إن كان من ضمن الحالات الطارئة حسب سياسة الأونروا، لكن التقصير بات واضح في هذا المجال من قبل الوكالة. وفي حديث مع شبكة العودة الإخبارية قالت اللاجئة الفلسطينية السورية فدوى عويدي أنّها بعد لجوئها إلى لبنان باتت تعاني الأمرّين نتيجة مرض زوجها واستشهاد ابنيها، حيث باتت هي المعيل الوحيد للعائلة، وزوجها بحاجة إلى أدوية بشكل دائم، وكانت تلك التقليصات التي انتهجتها الأونروا في الخدمات المقدمة لفلسطينيي سورية قد زادت من عبء الحياة عليها وعلى عائلتها. وقد بيّن الباحث في الشأن الفلسطيني إبراهيم العلي أنّ 26.40% من العائلات الفلسطينية تقوم بإعالتها إمرأة، أي ما يعادل 3360 عائلة.
أمّا مدير مكتب الأونروا في صيدا إبراهيم الخطيب فقد اعتبر أنّ مشكلة الأونروا هي نتيجة الفشل السياسي وإيجاد الحل العادل للقضة الفلسطينية. مشيراً إلى أنّه كل عام يتم الإعلان بأنّ هناك عجز في ميزانية الأونروا يصل إلى 60 مليون دولار، لماذا الآن هذه السياسة الحادة؟
وفيما يتعلّق بقطاع التعليم، فقد شهدت عدد من المخيمات الفلسطينية في لبنان احتجاجات على سياسة الأونروا بزيادة عدد الطلاب الفلسطينيين في الصف الواحد إلى 50 طالب، وفي هذا الأمر لفت الخطيب في حديث مع شبكتنا إلى أنّ معدل الطلاب في الصف الواحد في مدارس الأونروا في لبنان 37 طالب، والذي يعتبر المعدل الأدنى على صعيد الأقطار الخمسة التي تعمل ضمنها الوكالة. مؤكداً أنّه كان هناك فشل في التعاطي مع هذا الموضوع من قبل الأهالي، حيث أنّهم وفور سماعهم هذا القرار قاموا بالاحتجاجات والاستنكارات، علماً أنّ هذا الرقم الـ (50 طالب) لم يكن إلاّ ضغطاً على المانحين لحثهم على تمويل الوكالة.
ومع إعلان المفوض العام لوكالة الأونروا بيير كرينبول الشهر الماضي بأنّ "العجز المتوقع في ميزانية الوكالة لتغطية نشاطاتها لسنة 2016 يقارب 81 مليون دولار"، يزداد التخوّف من أزمة أخرى قد يواجهها اللاجئون العام المقبل في حال لم يتم إيجاد الحلول لها.
وسعياً لإيجاد الحلول لهذه الأزمة المستعصية أشار علي هويدي المنسق الإقليمي لمركز العودة الفلسطيني أنّ المركز يقوم بدور مهم في أروقة الأمم المتحدة من خلال التنسيق مع الأعضاء والدبلوماسيين لإيصال رسالة إلى العالم حول مدى معاناة اللاجئين في ظلّ التقليصات التي تقوم بها وكالة الأونروا.
وكان مركز العودة قد حصل على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة في تموز (يوليو) الماضي بمنحه الصفة الاستشارية للمنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة.