اليمن: أَصلُ العروبة وَشُمُوخُ الجبالِ

منذ 9 أشهر   شارك:

محمود كلّم

كاتب فلسطيني

إذا أردتَ أن ترى العِزَّةَ تمشي على الأرض، فانظر إلى رجال اليمن، وإن أردتَ أن تسمع صدى الكرامة، فاستمع لصهيل خيولهم وهي تجوب التاريخ.

اليمن، أرضُ الحضاراتِ ومهدُ العروبةِ، حيثُ تجري دماءُ الأصالةِ في عروقِ شعبِه كما تجري الوديانُ بين جبالهِ الشامخة.

اليمن حضارةٌ وثقافةٌ ضاربةٌ في عمقِ التاريخِ الإنساني، فقد كان مهدَ الممالكِ العريقة، وحاضناً للعلمِ والأدب، وموطناً للحكمةِ والشجاعةِ التي سطَّرت أعظمَ الملاحم.

وكما تقفُ النخلةُ شامخةٌ لا تنحني لريح، يقفُ اليمنيُّ معتزّاً بنخوته، فخوراً بأرضه، متسلِّحاً بشجاعته. لم يعرفِ الذلَّ طريقاً إلى روحه، فهو كالصقرِ يحلِّقُ في سماءِ الكبرياءِ، لا يخفضُ جناحَه إلا لله. وإن كان المجدُ تاجاً، فإنَّ اليمنيَّ هو الجبينُ الذي يتوِّجه.

عندما تُذكرُ الشجاعةُ، يُذكرُ اليمنيُّ أولاً، فهو الذي خاضَ معاركَ التاريخِ، صانعاً من الرمالِ حصوناً، ومن الصخورِ دروعاً. قلبُه لا يعرفُ الخوفَ، كأنَّه جبلٌ لا تهزُّه العواصفُ ولا تزحزحُه الأعاصير. أمَّا الكرامةُ، فهي له كالماءِ للبحرِ، لا ينفصلانِ أبداً.

ليس غريباً أن يجتمعَ في اليمنيِّ السيفُ والقلمُ، فهو فارسٌ في المعركةِ، وشاعرٌ في المجلسِ، يجيدُ الحديثَ كما يجيدُ النزال. يحملُ السلاحَ بيدٍ، والمروءَةَ باليدِ الأخرى. قوَّتُه في لينه، وحلمُه في حزمه، فلا هو بالضعيفِ المستكين، ولا بالغاشمِ الجائر.

إن سألتَ عن النخوةِ، وجدتهم أهلَها، وإن بحثتَ عن العزةِ، وجدتهم عنوانَها. فيهم من الإباءِ ما في جبالِهم من الصلابةِ، وفيهم من الوفاءِ ما في سهولِهم من الخضرةِ. اليمنيُّ كالسيفِ، لا يصدأُ مهما مرَّت عليه الأيامُ، وكالنجمِ، لا يخفُتُ نُورُهُ مهما تكاثفتِ الغُيُومُ.

ليس غريباً أن يكونَ اليمنيُّ مرفوعَ الرأسِ، فجبالُه تعلِّمُه العلوَّ، وصحراؤُه تعلِّمُه الصبرَ، وتاريخُه يعلِّمُه كيف يكونُ سيِّداً لا تابعاً، وقائداً لا منقاداً. وكما قالوا قديماً: "إذا أردتَ أن تعرف معنى العروبةِ، فانظر إلى اليمن وأهله."

اليمنيُّ ليس مجردَ رجلٍ يسيرُ على الأرضِ، بل هو روحُ البطولةِ التي لا تنطفئُ، وصوتُ الكرامةِ الذي لا يخفُت. شجاعتُه تُضرَبُ بها الأمثالُ، وشهامتُه نورٌ يضيءُ دروبَ الوفاءِ، وكرامتُه درعٌ لا يُكسرُ. لا يرضى الهوانَ، ولا يقبلُ إلا بالعزِّ والمجدِ، وإن شهدَ التاريخُ رجالاً صنعوا الملاحمَ، فإنَّ اليمنيَّ كان دوماً في الصفوفِ الأولى، فارساً في المعركةِ، وسيِّداً في مجلسِ العزِّ.

لا يهابُ المصاعبَ، ولا تنحني هامته إلا لله، فهو ابنُ الأرضِ التي أنجبتِ الأسودَ، وحفيدُ المجدِ الذي لا يقبلُ التراجعَ. حينَ يناديه الواجبُ، تجده أولَ الملبِّين، وحينَ يُمسُّ شرفُه، يكونُ أولَ المدافعين. في دمِه تسري روحُ البطولةِ، وفي قلبِه تنبضُ أنفاسُ العروبةِ، فإن تحدَّثتَ عن الشجاعةِ، فهو عنوانُها، وإن بحثتَ عن الشهامةِ، فهو ميثاقُها.

اليمن سيبقى شامخاً، رافعاً رايةَ العزَّةِ والمجدِ، ما بقيتِ الشمسُ تشرقُ، وما بقيتِ القلوبُ تنبضُ بالفخرِ والإباءِ.


مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

الكتابة عن فلسطين: بيان الموت المؤجَّل

الكتابة عن فلسطين ليست موقفاً ثقافياً، ولا رأياً يُدرج في هامش الحرية. إنه إعلانٌ مبكّر عن الاستعداد الكامل للتضحية في سبيل … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون