مخيم عين الحلوة
عنصرية الإعلام اللبناني تجاه قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
شبكة العودة الإخبارية
لا يخفى على أحد حجم التغطية الإعلامية التي يحظى بها مخيم عين الحلوة عند حدوث أي إشكال داخلي. فجأة، تستنفر كل المحطات اللبنانية والمراسلين، وتتحول عدسات الكاميرات إلى المخيم، تُصوّر وتبثّ وكأن "اللاجئ الفلسطيني" خطر أمني دائم، أو وكأنه "غريب مشاغب" يعيش خارج القانون.
لكن المفارقة الصارخة أن هذا الاستنفار الإعلامي يختفي تماماً عندما يُستهدف اللاجئ الفلسطيني بالظلم والقصف والحرمان.
بالأمس، صمتٌ مخجلٌ خيّم على الإعلام اللبناني.
غابت القنوات، وغابت العدسات، وكأنها في عداد الموتى. وكأن دم الفلسطيني لا يستحق خبراً عاجلاً، ولا تقريراً ميدانياً، ولا حتى تنديداً رسمياً.
قُصف مخيم عين الحلوة بثلاثة صواريخ موجّهة من قبل دولة الاحتلال الصهيوني، استهدفت ملعباً رياضياً يستخدمه أبناء المنطقة، يضم مسبحاً وملعب ميني فوتبول، لا يوجد فيه أي مظهر من مظاهر العمل العسكري.
سقط 13 شهيداً، عشرات الجرحى، دمار واسع، وأوجاع لا تُحتمل، والنتيجة: صمتٌ إعلامي مطبق، إلّا من بيانات مقتضبة لا تلامس جوهر الجريمة.
في المقابل، عندما تقع مشكلة داخلية أو اشتباك مسلّح محدود، يتحول الإعلام إلى محكمة تنصب الفلسطينيين على مقصلة التحليل والتشويه، دون الأخذ بعين الاعتبار أن أي مجتمع بشري فيه إشكالات، وأن المخيمات بيئة مضغوطة محرومة من الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية.
عنصرية الإعلام ليست فقط في التغطية، بل في الرواية التي يصرّ على تكريسها.
يتجاهل الإعلام اللبناني أن اللاجئ الفلسطيني في لبنان محروم من العمل في أكثر من 70 مهنة، بما فيها الطب، الهندسة، المحاماة، الصحافة، وحتى العمالة العادية تخضع لإذونات عمل معقّدة.
رغم أن آلاف اللاجئين الفلسطينيين يتخرجون من الجامعات اللبنانية بشهادات عليا في الهندسة، والعلوم، والتمريض، والإعلام، لكنهم يُمنعون من العمل بهذه الشهادات فقط لأنهم لا يحملون الجنسية.
لا يُسمح للفلسطيني بتسجيل منزل باسمه، ولا أن يرث أرضاً، ولا حتى أن يعيش بحرية خارج أسوار المخيمات.
تُحيط الحواجز العسكرية بالمخيمات، وتُمارس عليهم رقابة مشددة، في مشهد يوحي بأنهم غرباء خطرون، رغم أنهم وُلدوا هنا، وعاشوا هنا، وماتوا هنا… لاجئون منذ 77 عاماً.
لماذا لا يسلط الإعلام الضوء على هذه الانتهاكات؟
لماذا يغيب المراسلون عن قصص اللاجئين الناجحين، أو عن معاناة آلاف المرضى، أو عن الحرمان من حق التملك والعمل؟
لماذا يتناسى الإعلام أن الكاميرا مسؤولية، وأن المهنية لا تُجزأ بحسب هوية الضحية؟
في الوقت الذي كان يُفترض أن يُحاكم الاحتلال على جريمته، جرى دفن الخبر بصمتٍ لبناني إعلامي قاسٍ، في مشهد يفضح هشاشة التضامن الرسمي والإعلامي مع شعبٍ يعاني منذ النكبة.


أضف تعليق
قواعد المشاركة