«الحلقة الخامسة» من سلسلة يوميات لاجئ
بقلم الكاتبة ياسمينا- خاص العودة
حاول عليّ إقناع نفسه بالعدول عن الدّخول إلى منزل أحمد، ولكنّه سرعان ما رأى والد أحمد يطلّ من شباك المنزل مخاطبًا إيّاه بلهجة فوقية: "ماذا تفعل هنا؟ وما الذي جاء بك إلى بيتنا؟!"
اختفت الكلمات وذابت.. حاول عليّ إخراجها بصوتٍ خافت، فأجاب: "لقد أتيت أسأل ابنك التلميذ المجتهد أحمد عن ما فاتني من دروس أثناء غيابي اليوم".
وفي تلك اللّحظه ظهر أحمد عند عتبة المنزل، وبأسلوب ساخرٍ قال: "وما نفع أن تسأل عن دروسك يا مستر علي، فأنت راسبٌ مسبقًا!"
وتعالت ضحكات الوالد وابنه تصدح في المكان، واهتزّت أنفاس عليّ وأخذ قلبه يخفق بسرعة لربما حقدًا على من جاء يستنجده ليجده ممن لا يقدّرون قيمة الإنسان على الإطلاق!
مشى عليّ كثيرًا يصارع تفكيره ناقمًا على ظروف حياته التي استوجبت التوبيخ والتّأنيب والاستهزاء. وقال في نفسه ليتني لم أستمع لكلام أحد! ليتني لم أقصد منزل ذلك اللّعين المتكبر أحمد! وتساءل هل من الضرورة أن يكون كلّ متفوق مغرور بنفسه ومتكبر على بني شعبه؟!
ها هو الآن أمام شاطئ البحر يحدّق في تلك الأمواج المتلاطمة، هي نفسها التي سرقت وسيم..
وتساءل من ستسرق الآن؟ وما الذي يمنعني عن الارتماء في أحضانها، لعل في الموت راحةً لم أذق طعمها بعد!
في تلك اللحظات وبينما عليّ غارق في تفكيره وفي حالة الانكسار التي طغت على إحساس الألم والمرض، أحسّ بخطواتٍ تقترب منه، فاستدار بسرعة ولكن بحذرٍ وخوفٍ شديدين.
(يتبع)
#يوميات_لاجئ منكم ولكم.. تابعونا
لقراءة الحلقة السابقة:
https://alawda-pal.com/index.php?s=47&id=1081