اللجوء.. قضية البحث عن الذات
رحيل زيدان/ بيروت/ لبنان
خاص شبكة العودة الإخبارية
«يوم اللاجئ العالمي» الواقع في 20 حزيران (يونيو)، هو اليوم الذي يتذكر به العالم الأشخاص الذين هُجّروا من بلادهم قسراً وأصبحوا لاجئين في مجتمعات غريبة عنهم، حيث يتم تسليط الضوء على مشاكلهم وهمومهم و محاولة إيجاد سبل تخفف من معاناتهم.
يشكل هذا اليوم عند الكثير من الأشخاص ذكرى سيئة وخاصة مع ازدياد الأزمات والحروب في العالم العربي وما يرافقها من ازدياد في أعداد اللاجئين. إلا انه لا يمكن حصر اللجوء بيوم واحد يضعه العالم على روزنامته السنوية، فاللجوء قضية إنسانية تحمل في طياتها الكثير من الذكريات السوداوية والقصص المأساوية.
يأس وأمل
يعلق الحاج محمد عن يوم اللاجئ العالمي بقوله «الألم لا يشعر به إلا من عاشه، فأنا بقيت طفلاً إلى حين تهجيرنا من فلسطين، حينها تحولت إلى رجل وبدأت رحلة اللجوء الصعبة التي لم تنتهِ حتى الآن، وعندما تركت سورية أدركت حينها إنني قد وصلت إلى شيخوختي وانتهى الأمر. فاللجوء يلعب بأقدارنا ويجتزئ من أعمارنا.. فعندما يسألني أي شخص من أنت أجيب: الحاج محمد من فلسطين - مدينة حيفا ولدت عام 1937 عشت اللجوء مرتين، مرة عندما هُجرت من فلسطين إلى سورية ومرة عندما تركت سورية وجئت إلى لبنان بسبب الظروف الأمنية الصعبة».
ويضيف «عندما يترك الشخص أرضه فإنه بذلك يتخلى عن ذاته وأحلامه، فالوطن انعكاس لوجودنا وحكايتنا في هذه الحياة، ولكنني عندما أرى أحفادي أتأكد بانه يجب ألّا أفقد الأمل. فالأجيال الصغيرة قادرة على متابعة رسالتنا والعودة إلى أوطاننا والتخلص من شبح اللجوء».
يشير علي أنه على الرغم من عدم مروره بتجربة اللجوء منذ بدايتها، إلا أن آثارها محفورة في حياته «نحن نرث معاناة وقضايا أبائنا وأجدادنا وتنتقل إلينا ذكرياتهم وكأننا عشناها، فأنا إن أعطي لي الخيار فإنني أختار العودة إلى وطني حيث يجب أن أكون، وكلما كبرت وازدادت المشكلات وتعقّدت الأمور من حولي نتيجة اللجوء، أستذكر حديث جدتي: سأذهب إلى فلسطين مشياً على الأقدام، عندما يسمحوا لنا، فالشخص يعيش في أرضه ملكاً ويبقى غريباً في أي مكان غير وطنه».
البحث عن الهوية الذاتية
اعتبرت مريم أن «يوم اللاجئ العالمي» مناسبة مهمة للعمل مع الأطفال خلالها حول تعريفهم باللجوء وبآثاره وبحقوقهم كلاجئين ومحاولة إخراجهم من الأوضاع السلبية التي يعيشون فيها، وأضافت «إن الأنشطة الفنية كالرسم وسائل مهمة تساعد الأطفال على شرح ما بداخلهم من مشاعر وأفكار لا يستطيعون الإفصاح عنها في الحياة اليومية، ولكن مساعدة الأطفال اللاجئين لا بد أن تشمل الأهل المنشغلين بمشكلات اللجوء، حيث ينسون أطفالهم وسط زحام المهام المتراكمة على عاتقهم». تتابع مريم «على الرغم من كوني لاجئة كالكثير من السوريين، لكن هذا لم يجعلني أستسلم لظروفي الصعبة، بل دفعني لإيجاد هويتي الذاتية ومساعدة اللاجئين الآخرين».
يؤثر اللجوء على الأطفال بطريقة أكثر تعقيداً منه على الكبار، فيضيع مفهوم الانتماء لديهم وفكرة امتلاك المكان، هذا بالإضافة إلى عدم تكوين هويتهم الذاتية بشكل سليم. هذا ما أكد عليه محمد؛ العامل في مجال الدعم النفسي الاجتماعي للأطفال، ويضيف «خلال عملي مع الأطفال اللاجئين من سورية، ظهر لديهم خوف من المستقبل بطريقة تفوق قدراتهم ومجالات تفكيرهم الطفولية، وهذا تأكيد على أن اللجوء يؤثر سلباً على حياة الأطفال ويمنعهم من عيش مراحلهم العمرية بشكل صحيح».